جِوَارُكَ منْ جَوْرِ الزَّمَانِ يُجِيرُ
وَبِشْرُكَ لِلرَّاجِي نَداكَ بَشِيرُ
156 / 1فَضَلْتَ بَنِي الدُّنيا فَفَضلُكَ أَوَّلُ
وَأَوَّلُ فضلِ الأَوَّلِينَ أخِيرُ
156 / 2وَأنتَ هُمَامٌ دَبَّرَ المُلْكَ رَأْيُهُ
خَبِيرٌ بِأحْوَالِ الزَّمَانِ بَصِيرُ
156 / 3إذَا المَلِكُ المَنْصُورُ حَاوَلَ نَصْرَهَ
كَفَى المَلِكَ المَنْصُورَ منك نَصِيرُ
156 / 4فلا تُنسِهِ الأَيَّامُ ذِكْرَكَ إنَّهُ
به فَرِحٌ بينَ الملوكِ فخُورُ
156 / 5إذا مَرَّ في أَرْضٍ بِجَيْشٍ عَرَمْرَم
تكادُ لهُ أُمُّ النُّجُومِ تَمُورُ
156 / 6وَتَحْسِبُهُ قد سارَ يَرْمِي بُرُوجَهَا
بِخَيْلٍ عليها كالبروجِ يُغيرُ
156 / 7وَما قَلْبُها مِمَّا يَقَرُّ خُفُوقُهُ
وَلا طَرْفُها حتى يعودَ قَرِيرُ
156 / 8سواءٌ عليه خَيْلُهُ وَرِكابُهُ
وَسَرْجٌ إذا جابَ الفَلاةَ وَكُورُ
156 / 9لقد جَهِلَتْ دَاوِيَّةُ الكُفْرِ بَأسَهُ
وَغَرَّهُم بالمسلمينَ غَرورُ
156 / 10فلا بُورِكُوا مِنْ إِخْوَةٍ إنَّ أُمَّهُمْ
وَإنْ كَثُرَتْ منها البَنُونَ نَزُورُ
156 / 11فَإنْ غَلُظَتْ مِنْهُمْ رِقَابٌ لِبُعْدِهِ
فَما انْحَطَّ عَنْها لِلْمَذَلَّةِ نِيرُ
156 / 12أَلَمْ تَعْلَمُوا أنَّا نُواصِلُ إنْ جَفَوا
وَأنَّا على بعد المزار نَزُورُ
156 / 13يَظُنُّونَ خَيْلَ المُسلمينَ يَصُدُّها
عَنِ العَدْوِ في أرضِ العَدُوِّ دُحُورُ
156 / 14أما زُلْزِلَتْ بالعادياتِ وَجاءها
مِنَ التُّرْكِ جَمٌّ لا يُعَدُّ غَفِيرُ
156 / 15أتَوْا بِطِمرَّاتٍ مِنَ الجُرْدِ سُيِّرَتْ
وَرَجْلٍ لهُمْ مِثْلُ الجَرادِ طُمُورُ
156 / 16فَلَمْ يَرْقُبوا مِنْ صَرْحٍ هامانَ مَرْقَباً
بهامَتِهِ بَرْدُ السَّحابِ بَكُورُ
156 / 17وصُبَّ عليهم عارضٌ مِنْ حِجَارةٍ
ونَبْلٍ وكُلٌّ بالعَذابِ مَطِيرُ
156 / 18وسامُوهُ خَسْفاً مِنْ ثُقُوبٍ كأنَّها
أثافٍ لها تلْكَ البُرُوجُ قُدُورٌ
156 / 19فَذاَقُوا به مُرَّ الحِصَارِ فأصْبَحُوا
لهم ذلك الحِصْنُ الحَصِينُ حَصِيرُ
156 / 20يَصِيحونَ أعلى السُّورِ خوْفاً كصافِنٍ
نَفَى عنه نَوْمَ المُقْلَتَيْنِ صَفِيرُ
156 / 21وماذا يَرُدُّ السُّورُ عنهم وخلفَهُ
مِنَ الخَيْلِ سُورٌ والصَّوارِمِ سُورُ
156 / 22فلما أحَسُّوا بَأْسَ أغْلَبَ هِمَّةً
غَدُوٌّ إليهم بالرَّدَى وبَكُورُ
156 / 23دعَوْهُ وشمْلُ النَّصْرِ منهم مُمَزَّقٌ
أماناً وجلْبابُ الحياةِ بَقِيرُ
156 / 24أعارَهُمُ افْرَنْسِيسُ تِلْكَ وَسِيلَةً
رأى مُسْتَعيراً غِبَّها وسَعيرُ
156 / 25فَدَى نفسَهُ بالمالِ والآلِ وَانثَنَى
تَطِيرُ به مِنْ حيثُ جاءَ طُيُورُ
156 / 26فلا تَذْكُرُوا ما كانَ بالأمْسِ منهمُ
فذاكَ لأَحْقادِ السُّيُوفِ مُثِيرُ
156 / 27فلو شاءَ سُلْطَانُ البَسِيطَةِ ساقَهُمْ
لِمِصْرٍ وتَحْتَ الفارِسَيْنِ بَعِيرُ
156 / 28تُبَشّرُ مِصْر دائماً بِقُدُومِهِمْ
إذا فَصَلَتْ منهم لِغزَّة عِيرُ
156 / 29تَسُرُّهُمْ عند القُفولِ بِضاعَة
وَتَحْفَظُ منهمْ إِخْوَةً وَتَمِيرُ
156 / 30ولو شاءَ مَدَّ النِّيلَ سَيْلُ دمائِهِمْ
وَزَفَّتْ نُحُورٌ ماءَهُ وسُحُورُ
156 / 31بِعِيدٍ كَعِيدِ النَّحْرِ يا حُسْنَ ما يُرَى
به مِنْ عُلوجٍ كالعُجُولِ جَزُورُ
156 / 32وَلكنَّه مِنْ حِلمِهِ وَاقتِدَارِهِ
عَفُوٌّ عَنِ الذَّنْبِ العظيم غفورُ
156 / 33وَلَمْ يُبْقِهِمْ إِلَّا خَمِيراً لِمِثْلِها
مَلِيكٌ يَجُبُّ الرَّأْيَ وَهْوَ خَبِيرُ
156 / 34يَرَى الرَّأْيَ مُزَّ الرَّاحِ يهْوَى عَتيقهُ
وَيَكْرَهُ منه الحُلْوُ وَهْوَ عَصِيرُ
156 / 35فَوَلَّوْا وَسوءُ الظَّنِّ يَلْوِي وُجُوهَهُمْ
فَتَحْسِبُها صُوراً وما هِيَ صُورُ
156 / 36وقد شَغَرَتْ مِنهمْ حُصونٌ أَواهِلٌ
وما راعها مِنْ قبل ذاك شُغُورُ
156 / 37فللَّهِ سلطانُ البسيطَةِ إنَّهُ
مَليكٌ يَسِيرُ النَّصْرُ حيثُ يسيرُ
156 / 38ويُغْمِدُ في هامِ الملوكِ حُسامَهُ
ويَرْهَبُ منْ هامِ المُلوكِ غَفيرُ
156 / 39ويَجْمَعُ مِنْ أَشْلائِهِمْ مُتَفَرِّقاً
بِصارِمهِ جَمْعَ الهَشِيم حَظيرُ
156 / 40فَأَخْلِقْ بأنْ يَبْقَى وَيَبْقَى لِمُلْكِهِ
ثَناءٌ حَكاهُ عَنْبَرٌ وعَبيرُ
156 / 41وتأتيه خَيْلُ اللَّهِ من كَلِّ وِجْهَةٍ
يُؤَيَّدُ منها بالنفيرِ نفيرُ
156 / 42وَيَحْمِلَ كَلَّ المُلْكِ عنه وإصْرَهُ
حَرِيٌّ بِتَدْبيرِ الأُمورِ جَدِيرُ
156 / 43أَخُو عَزَماتٍ فالبَعِيدُ منَ العُلا
لَدَيْهِ قرِيبٌ والعسيرُ يَسيرُ
156 / 44تَكادُ إذا ما أُبْرِمَت عَزَماتُهُ
لها الأرضُ تُطْوَى وَالجِبالُ تَسيرُ
156 / 45دَعَانِي إلَى مَغْنَاهُ داعٍ وَليسَ لِي
جَنانٌ عَلَى ذاكَ الجَنابِ جَسورُ
156 / 46فقلتُ له دَعْنِي وَسَيْرِي لِماجِدٍ
لَهُ اللَّهُ في كُلِّ الأُمورِ يُجِيرُ
156 / 47إذا جِئْتُهُ وَحْدِي يقُومُ بِنُصْرَتي
قبائلُ مِنْ إقبالِهِ وعَشيرُ
156 / 48فَتىً أَبْدَتِ الدُّنيا عواقِبَها لَهُ
وَأَفْضَتْ بما فيها لَدَيْهِ صُدُورُ
156 / 49فَغَفْلَتُهُ مِنْ شدَّةِ الحَزْمِ يَقْظَةٌ
وَغَيْبَتُهُ عَمَّا يُريدُ حُضورُ
156 / 50وما كلُّ فضلٍ فيه إِلَّا سَجِيَّةٌ
يُشاركُ فيها ظاهرٌ وضميرُ
156 / 51فليس له عندَ النَّزالِ مُحَرِّضٌ
وليس له عند النَّوالِ سفيرُ
156 / 52هُوَ السَّيْفُ فاحذرْ صَفْحَةً لِغِرَارِهِ
فَبَيْنَهُما لِلَّامِسِينَ غُرورُ
156 / 53مَهيبٌ وَهوبٌ لِلْمُحاوِلِ جُودَهُ
جَوادٌ ولِلَّيثِ الهَصُورِ هَصُورُ
156 / 54إشاراتُهُ فيما يَرومُ صَوارمٌ
وساعاتُهُ عما يَسَعْنَ دُهُورُ
156 / 55إذا هَجرَ الناسُ الهجيرَ لكَرْبِهِمْ
يَلَذُّ لهُ أَنَّ الزَّمانَ هَجيرُ
156 / 56وَهلْ يَتَّقِي حَرَّ الزَّمانِ ابنُ غادَةٍ
جَليلٌ عَلَى حَرِّ الزَّمانِ صَبُورُ
156 / 57يُحاذِرُهُ المَوْتُ الزُّؤَامُ إذا سطا
ولكنه مِنْ أنْ يُلامَ حَذُورُ
156 / 58وتَسْتَهْوِنُ الأهوالَ في المَجْدِ نَفْسُهُ
وَتَسْتَحْقِرُ المَوْهُوبَ وهْوَ خَطيرُ
156 / 59مَكَارِمُهُ لَمْ تُبْقِ فَقْراً ورَأْيُهُ
إلى بعضِه أغنَى الملوكِ فقيرُ
156 / 60كَفَتْهُ سُطاهُ أَنْ يُجَهِّزَ عَسْكَراً
وآراؤُهُ أَنْ يُسْتَشارَ وَزِيرُ
156 / 61فواطَنَ أَطْرافَ البَسِيطَةِ ذِكْرُهُ
وصِينَتْ حُصُونٌ باسمِهِ وثُغُورُ
156 / 62مُحَيَّاهُ طَلْقٌ باسِمٌ رَوْضُ كَفِّهِ
أرِيضٌ وَماءُ البِشْرِ منه نمِيرُ
156 / 63حَكَى البحرَ وصْفاً مِنْ طهارَةِ كَفِّهِ
فقيل لهُ مِنْ أَجْلِ ذاك طَهُورُ
156 / 64وَما هُوَ إِلَّا كِيمياءُ سعادةٍ
وَوَصْفِي لتلكَ الكِيمياء شُذُورُ
156 / 65بها قامَ شِعْرِي لِلْخَلاصِ فما أَرَى
لِشِعْرِي امْتِحانَ الناقِدِينَ نَصيرُ
156 / 66وَرُبَّ أَدِيبٍ ذِي لِسانٍ كَمِبْرَدٍ
بَدَا مِنْ فَمٍ كالكِيرِ أَوْ هُوَ كِيرُ
156 / 67أَرادَ امْتحاناً لِي فَزَيَّفَ لَفْظَهُ
نَتانٌ بَدَا مِنْ نَظْمِهِ وخَرِيرُ
156 / 68إذَا ما رَآني عَافَنِي وَاسْتَقَلَّنِي
كأنِّيَ في قَعْرِ الزُّجَاجَةِ سُورُ
156 / 69وَيُعْجِبُهُ أَنّي نَحِيفٌ وأَنّه
سَمِينٌ يَسُرُّ الناظِرينَ طَرِيرُ
156 / 70وَلَمْ يَدرِ أَنَّ الدُّرَّ يَصْغُرُ جِرْمُهُ
وَمقدارُهُ عند الملوكِ خطيرُ
156 / 71فقامَ بِنَصْرِي دونَهُ ذَو نَباهَةٍ
حَلِيمٌ إذا خَفَّ الحَلِيمُ وَقُورُ
156 / 72وَلا جَوْرَ في أحْكَامِهِ غَيْرَ أَنه
عَلَى الخائِنِينَ الجَائرِينَ يَجُورُ
156 / 73فلا تنْظُرِ العُمَّالُ لِلْمالِ إنَّهُ
عَلَى بَيْتِ مالِ المُسْلِمينَ غَيُورُ
156 / 74وأنَّ عَذابَ المُجْرِمِينَ بِعَدْلِهِ
طويلٌ وعُمْر الخائِنِينَ قَصِيرُ
156 / 75له قَلَمٌ بالبأْس يَجْرِي وَبالنَّدَى
فَفِي جانِبَيْهِ جَنَّةٌ وَسَعِيرُ
156 / 76تُحَلِّي الطَّرُوسَ العاطِلات سطورُها
كما تَتحلَّى بالعُقُودِ نُحُورُ
156 / 77أُجَلّي لِحَاظِي في خمائِلِ حُسْنِهِ
فَمِنْ حَيْرَةٍ لَمْ تَدْرِ كيفَ تَحُورُ
156 / 78عَلا بعضُهُ في القَدْرِ بعضاً كما علا
مَعَ الحُسْنِ زَهْرٌ في الرِّياضِ نَضِيرُ
156 / 79حَكَى حَسَناتٍ في صحائِفِ مُؤْمِنٍ
يُسَرُّ كَبِيريٌّ بها وَصَغِيرُ
156 / 80فكانتْ شُكُولاً منه زانَتْ حروفُهُ
حِساباً قَلَتْ منه الصِّحاحَ كُسورُ
156 / 81فقلتُ وَقد راعَتْ بِفَصْلِ خِطَابِهِ
وراقَتْ عُيُونَ الناظِرِينَ سُطُورُ
156 / 82لَئِن جاءَهُم كَالغيثِ مِنهُ مُبَشِّراً
فَقَد جاءَهُم كَالموتِ مِنهُ نَذيرُ
156 / 83فوَيْلٌ لِقَوْمٍ مِنْ يَراعٍ كأنّه
خِلالٌ يَرُوعُ الأُسْدَ منه صَرِيرُ
156 / 84وَلِمْ لا وَآسادُ العرِينِ لِداتُهُ
يَكُونُ له مثلُ الأسودِ زَئيرُ
156 / 85يَغُضُّ لَدَيْهِ مُقْلَتَيْهِ ابنُ مُقْلَةٍ
كما غضَّ مَنْ فِي مُقْلَتَيْهِ بُثُورُ
156 / 86وَأَنَّى لُهُ لو نالَهُ مِنْ تُرابِهِ
ليَكْحَلَ منه مُقْلَتَيْهِ ذَرُورُ
156 / 87وَقد كَفَّ عنْ كوفِيَّةٍ كَفَّ عاجِزٍ
وفيه نَظِيمٌ دُرُّهُ ونَثِيرُ
156 / 88وَوَدَّ العَذارَى لوْ يُعَجِّلُ نِحْلةً
إليهنَّ مِنْ تلكَ الحُروفِ مُهُورُ
156 / 89رَأَى ما يَرُوقُ الطَّرْفَ بلْ ما يَرُوعُهُ
فَخَارَ وَذُو القَلْبِ الضعيفِ يَخُورُ
156 / 90بَنى ما بَنَى كِسْرَى وعادٌ وَتُبَّعٌ
وليسَ سواءً مُؤْمِنٌ وَكَفُورُ
156 / 91ودَلَّ على تَقْوَى الإلهِ أَساسُهُ
كما دَلَّ بالوادي المُقَدَّسِ طُورُ
156 / 92حِجازِيَّةُ السُّحْبِ الثِّقالِ يَسُوقُها
عَلَى عَجَلٍ سَوْقاً صَباً وَدَبُورُ
156 / 93ومنها نُجومٌ في بُروجِ مَجَرَّةٍ
عَلَى الأرضِ تَبْدُو تارَةً وتَغُورُ
156 / 94تَضِيقُ بها السُّبلُ الفِجَاجُ فلا يُرَى
بها للرِّياحِ العاصفاتِ مَسيرُ
156 / 95فكَمْ صَخْرَةٍ عاديَّةٍ قَذَفَتْ بها
إليه سُهُولٌ جَمَّةٌ وَوُعُورُ
156 / 96وَمنْ عُمُدٍ في هِمَّةِ الدَّهرِ قُوَّةٌ
وَفي باعِهِ مِنْ طُولِهنَّ قُصُورُ
156 / 97أَشارَ لها فانْقادَ سَهْلاً عَسِيرُها
إليه وَما أَمْرٌ عليه عسيرُ
156 / 98أَتَتْهُ بِها أَنْدَى الرِّياحِ وَدونَ مَا
أَتَتْهُ بها أَنْدَى الرِّياحِ ثَبِيرُ
156 / 99وما كانَ لَولا ما لَهُ مِنْ كَرَامَةٍ
لِيَأْتِينَا بالمُعْجِزاتِ أَميرُ
156 / 100لِما فيه مِنْ تَقْوَى وَعِلْمٍ وَحِكْمَةٍ
بِحُرِّ مَبَانِيهِ الثَّلاثُ تُشِيرُ
156 / 101فَمِئْذَنَةٌ في الجوِّ تُشْرِقَ في الدُّجَى
عليها هُدىً لِلْعَالمينَ وَنُورُ
156 / 102وَمِنْ حَيْثُمَا وَجَّهْتَ وَجْهَكَ نَحْوَها
تَلَقَّتْكَ مِنها نَضْرَةٌ وسُرُورُ
156 / 103يَمُدُّ إليها الحاسدُ الطَّرْفَ حَسْرَةً
فَيَرْجِعُ عنها الطَّرْفُ وهْوَ حَسيرُ
156 / 104فكَمْ حَسَدَتْها في العُلُوِّ كواكبٌ
وغارَتْ عليها في الكمالِ بُدُورُ
156 / 105إذا قامَ يَدْعُو اللَّه فيها مُؤَذِّنٌ
فما هُوَ إِلَّا للنُّجومِ سَمِيرُ
156 / 106فللنَّاسِ مِنْ تذكارِهِ وأذانِهِ
فَطُورٌ عَلَى رَجْعِ الصَّدَى وَسَحُورُ
156 / 107وقُبَّةُ مارستانَ ليسَ لِعِلَّةٍ
عليه وإن طالَ الزَّمانَ مُرُورُ
156 / 108صَحِيحُ هَواءٍ للنُّفوسِ بِنَشْرِهِ
مَعادٌ وَلِلعَظْمِ الرَّمِيمِ نُشُورُ
156 / 109يَهُبُّ فَيَهْدِي كلَّ رُوحٍ بِجِسْمِهِ
كأنَّ صَباهُ حِينَ يَنْفُخُ صُورُ
156 / 110فَلَو تَعْلَمُ الأجسامُ أن تُرابَهُ
مِهادُ حَياةٍ لِلْجُسومِ وَثيرُ
156 / 111لَسَارَتْ بِمَرْضاها إليهِ أسِرَّة
وصارتْ بموْتاها إليهِ قُبُورُ
156 / 112وما عادَ يُبلِي بعدَ ذلك مَيِّتاً
ضَرِيحٌ وَلا يَشْكُو المَرِيضَ سَرِيرُ
156 / 113بِجَنَّتِهِ وُرْقٌ تُراسِلُ ماءَهُ
يَشُوقُ هَدِيلٌ منهما وَهَدِيرُ
156 / 114وَقد وَصَفَتْ لِي الناس منها عَجائِباً
كأَوْجُهِ غِيدٍ ما لَهُنَّ سُفُورُ
156 / 115محاسِنها اسْتَدْعَتْ نَسِيبِي ومَا دَعَا
نَسِيبِي غزالٌ قبلَ ذاك غرِيرُ
156 / 116وباتَ بها قَلْبي يُمَثِّلُ حُسْنَها
لِعَيْنِي وَنَوْمِي بالسُّهادِ غَزِيرُ
156 / 117وَلا وَصْفَ إِلَّا أنْ يَكُونَ لِواصِفٍ
وُرُودٌ عَلَى مَوْصُوفِهِ وصُدُورُ
156 / 118بَدَتْ فَهْيَ عندَ الصَّالِحِيَّةِ جِلَّقٌ
وفي تلْكَ جَنَّاتٌ وتلكَ قُبُورُ
156 / 119وَلَو فَتَحَت أَبْوابَها لَتَبَادَرَتْ
مِنَ الدُّرِّ وِلدانٌ إلَيْهِ وحُورُ
156 / 120ومَدْرَسَةٌ وَدَّ الخَورْنَقُ أَنّه
لَدَيْهَا حَظِيرٌ والسَّدِيرُ غَدِيرُ
156 / 121مَدِينَةُ عِلمٍ وَالمَدَارِسُ حَوْلَها
قُرىً أَوْ نُجُومٌ بَدْرُهُنَّ مُنِيرُ
156 / 122تَبَدَّتْ فأَخْفَى الظَّاهِرِيَّةَ نُورُها
وليسَ بِظُهْرٍ للنُّجُومِ ظُهورُ
156 / 123بِناءٌ كَأنَّ النَّحلَ هَندَسَ شَكلَهُ
وَلانَت لَهُ كَالشَّمعِ مِنهُ صُخورُ
156 / 124بَناها حَكِيمٌ لَيْسَ في عَزَماتِهِ
فتُورٌ وَلا فيما بناه فُتُورُ
156 / 125بَناها شَدِيدُ البَأْسِ أَوْحَدُ عَصْرِهِ
خَلَتْ حِقَبٌ مِنْ مِثْلِهِ وعُصُورُ
156 / 126فما صَنَعَتْ عادٌ مَصانِعَ مِثلَهُ
وَلا طاوَلَتْهُ في البِناءِ قُصُورُ
156 / 127ثَمَانِيَةٌ في الجَوِّ يَحْمِلُ عَرْشَها
وبعضٌ لبعضٍ في البناءِ ظَهيرُ
156 / 128يَرَى مَنْ يَراها أَنَّ رافِعَ سَمْكهَا
عَلَى فِعْلِ ما أعْيا المُلوكَ قَدِيرُ
156 / 129وَأَنَّ مَناراً قائماً بإزائها
بَنانٌ إلى فضلِ الأَمِيرِ تشيرُ
156 / 130كَأَنَّ مَنارَ اسْكَنْدَرِيَّةَ عنده
نَواةٌ بَدَتْ والبابُ فيهِ نَقِيرُ
156 / 131بناها سعيدٌ في بِقاعٍ سعيدَةٍ
بها سَعِدَتْ قَبْلَ المَدَارِسِ دُورُ
156 / 132إذا قامَ يَدْعو اللَّهَ فيها مُؤَذِّنٌ
فما هُوَ إِلَّا للنُّجُومِ سَمِيرُ
156 / 133فصارتْ بُيوتُ اللَّهِ آخِرَ عُمْرِهَا
قُصُورٌ خَبَتْ مِنْ سادةٍ وخُدُورُ
156 / 134ذَكَرْنا لَدَيْهَا قُبَّةَ النَّسْرِ مَرَّةً
فما كادَ نَسْرٌ لِلْحَياءِ يَطِيرُ
156 / 135فإنْ نُسِبَتْ لِلنَّسرِ فالطائرُ الَّذي
لَهُ في البُروجِ الثَّابِتاتِ وُكُورُ
156 / 136وإِلَّا فَكَمْ في الأرضِ قد مالَ دونَها
إلى الأرضِ عِقْبَانٌ هَوَتْ ونُسُورُ
156 / 137تَبيَّنتُ في مِحرابِها وَهْيَ كالدُّمَى
قُدُودَ غَوانٍ كُلُّهُنَّ خُصُورُ
156 / 138وقد حُلِّيَتْ منها صُدُورٌ بِعَسْجَدٍ
وَلُفَّتْ لَها تَحْتَ الحُلِيِّ شُعُورُ
156 / 139بها عُمُدٌ كاثَرْنَ أيَّامَ عامِها
وَمِنْ عامِها لَمْ يَمْضِ بعدُ شُهُورُ
156 / 140مَبانٍ أبانَتْ عَنْ كمالِ بِنائِها
وأَعْرَبَ عَنْ وَضْعِ الأَساسِ هَتُورُ
156 / 141سَمَاوِيَّةٌ أَرْجَاؤُها فكأَنَّها
عليها من الوَشْيِ البَديعِ سُتُورُ
156 / 142تَوَهَّمَ طَرْفِي أَنَّ تَجْزِيعَ بُسْطِها
رُقُومٌ وَتَلْوِينَ الرُّخامِ حَريرُ
156 / 143وكم جَاوَزَ الإِبْدَاعُ في الحُسْنِ حَدَّهُ
فَأَوْهَمَنا أَنَّ الحَقيقَةَ زُورُ
156 / 144فَللَّهِ يَوْمٌ ضَمَّ فيه أَئمَّةً
تَدَفَّقَ منهم لِلعلومِ بُحورُ
156 / 145وشمسُ المَعالي مِنْ كِتابٍ وسُنَّةٍ
عَلَى النَّاسِ مِنْ لَفْظِ الكلامِ تُديرُ
156 / 146وقد أَعْرَبَتْ للنّاسِ عَنْ خَيْرِ مَوْلِدٍ
عَرُوبٌ به والفضلُ فيه كثيرُ
156 / 147فأَكْرِمْ بِيَوْمٍ فيه أَكْرَمُ مَوْلِدٍ
لأَكْرَمِ مَوْلُودٍ نَمَتْهُ حُجُورُ
156 / 148يُطالِعُهُ للمسلمينَ مَسَرَّةٌ
ولكِنْ به للكافِرينَ ثُبورُ
156 / 149قَرَأْنا بها القرآنَ غيرَ مُبَدَّلٍ
فغارَتْ أناجيلٌ وغارَ زَبُورُ
156 / 150وَثَنَّتْ بأخبارِ النبيِّ رُواتها
وكلّ بأخْبَارِ النبيِّ خَبِيرُ
156 / 151وثَلَّثَ يدعو اللَّهَ فيها مُوَحِّدٌ
ذَكُورٌ لِنَعْمَاءِ الإِلهِ شَكُورُ
156 / 152وما تلكَ للسلطانِ إِلَّا سعادَةٌ
يَدُومُ لهُ ذِكْرٌ بها وأُجُورُ
156 / 153دَعاها إليه وافِرُ الرَّأْي والحِجَا
يَزِينُ الحِجَى والرَّأْيُ منهُ وَقُورُ
156 / 154فَهَلْ في مُلوكِ الأرضِ أَوْ خُلفائها
لهُ في الّذِي شادتْ يَداهُ نَظِيرُ
156 / 155عَلَى أَنَّهم في جَنْبِ ما شادَ مِنْ عُلاً
ولو كانَ كالسَّبْعِ الطِّباقِ حَصيرُ
156 / 156أبدا تحن إليكم الأرواح .. ووصالكم ريحانها والراح .. وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم .. وإلى لذيذ لقائكم ترتاح .. وا رحمة للعاشقين تكلفوا .. سر المحبة والهوى فضاح
ذا الحبيب مع الأحباب قد حضر .. وسامح الكل في ما قد مضى وجرا .. وأدار على العشاق خمرته صرفا .. يكاد سناه يخطف نور البصر .. يا سعد كرر لنا ذكر الحبيب لقد .. شنفت أسماعنا يا مطرب الفقراء
أغَرُّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ .. مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويُشْهَدُ .. وضمَّ الإلهُ اسمَ النبيّ إلى اسمهِ .. إذا قَالَ في الخَمْسِ المُؤذِّنُ أشْهَدُ .. وشقّ لهُ منِ اسمهِ...
والله ما طلعت شمس ولا غربت .. إلا و حبك مقرون بأنفاسي .. ولا خلوت إلى قوم أحدثهم إلا .. و أنت حديثي بين جلاسي .. ولا هممت بشرب الماء من عطش .. إلا رأيت خيالا منك في الكأس